خربة طانا.. ليلة طويلة من "حبس الأنفاس"
قبيل مساء يوم السبت الماضي، تفاجأت 12 عائلة تسكن الخربة باقتحام جيبات عسكرية من نوع "همر" الخربة، وإطلاق النار وقنابل الغاز والصوت بشكل عشوائي، تجاه المواطنين ومواشيهم، في خطوة استهدفت إجبارهم على إخلاء الخربة بشكل فوري.
وأفاد المواطن سميح، إنه بينما كان يجهز معرشات لأغنامه برفقة نجله محمد وجاره خالد حسين، تفاجأوا باقتحام عدة جيبات للاحتلال للخربة، فأدار محرك مركبته وطلب منهما الاختباء لحماية الأغنام.
"تحركت بالمركبة لمغادرة الخربة بعد أن أطلق جنود الاحتلال النار بشكل عشوائي، ولكن سرعان ما أُجبرت على التوقف بعدما حاول جيب عسكري الاصطدام بالمركبة، فأخبرني الجنود أن علينا الإخلاء فورا لوجودنا في مناطق إطلاق النار" أضاف سميح، الذي أشار إلى أنه اضطر إلى مغادرة "طانا" باتجاه بيت فوريك وترك نجله وجاره فيها على أمل أن يغادر الجيش والمستعمرون، لكن مضت ساعات طويلة دون معرفة أي خبر عنهما إثر انقطاع شبكة الاتصالات بعد اختبائهما.
حاول سميح الصعود إلى تلة كاشفة للخربة، لعله يشاهد إشارة أو إضاءة من مكان اختبائهما لكن دون جدوى، وسرعان ما أرسل الجيش طائرة "درون" فوقه، ما اضطره إلى الاختباء بين الصخور، وفق قوله.
ويضيف: اضطررتُ بعد انسحاب الجيش إلى السير على الأقدام قرابة 10 كيلومترات حتى اهتديت إلى مكان وجود محمد وخالد، بعدما منع الجيش تحرك المركبات في المنطقة، لأجدهما مختبئين بمغارة قريبة من الأغنام.
"العامان الماضيان كانا الأخطر على طانا.. منذ عام 1990 أعيش وعائلتي بالخربة، لكن العامين الأخيرين بعد الحرب على قطاع غزة كانا الأشد وطأة وخطرا علينا.." يؤكد سميح.
ما يثير الرعب بين أهالي طانا عدم التفريق بين المستعمرين وجيش الاحتلال خلال العامين الماضيين، بعد ارتداء المستعمرين لباس الجيش وحمل الأسلحة الرشاشة، واستخدام المركبات العسكرية.
ولليوم الرابع على التوالي، يُمنع الأهالي من العودة إلى مساكنهم ومواشيهم التي تركوها خلفهم، بحجة أنها منطقة عسكرية مغلقة، ما اضطرهم إلى بناء خيام في المنطقة المصنفة (ب) والقريبة من الخربة.
وبينما كان المواطن منير حنني يرعى أغنامه في أراضي الخربة، تفاجأ بجيب عسكري من نوع "همر" بداخله أربعة جنود، بدأوا بإطلاق القنابل الصوتية والغاز والشتائم تجاه رعاة الأغنام لحظة وصولهم، وفق ما أوضح لـ"وفا".
ويضيف حنني: "استمر الجنود في مطاردتنا مع الأغنام لقرابة كيلومترين حتى وصلنا إلى المناطق المصنفة (ب) في بيت فوريك، وطلبوا منا عدم العودة قطعيا إلى الخربة.
"لم يتبقَّ أي عائلة داخل الخربة، وخلال الأسبوعين الماضيين هاجمنا المستعمرون بلباس الجيش أكثر من مرة وأجبرونا على مغادرتها. مر 30 عاما على إقامتنا في خربة طانا، لكن العامين الماضيين كانا الأسوأ والأخطر على حياة العائلات"، يؤكد حنني.
واعتاد الأهالي اقتحام المستعمر "كوبي" الخربة بمفرده تارة أو برفقة عصبة التلال تارة أخرى، وتخريب محتوياتها وتدميرها. وخلال العامين الماضيين، غيّر كوبي "ثوبه الاستعماري" إلى اللباس العسكري الخاص بجيش الاحتلال مع عصابته.
لم يترك "كوبي"، وهو أحد غلاة المستعمرين الذين يقودون "الاستعمار الرعوي" بالضفة الغربية ويقيم بؤرة على مئات الدونمات من أراضي بيت فوريك وعقربا، في الخربة منزلا أو خيمة أو كهفا قائما دون أن يُلحق فيه تدميرا وتخريبا. فجرى تدمير خربة طانا أكثر من 13 مرة خلال السنوات الماضية.
ويشير حنني إلى أن اعتداءات المستعمرين بزعامة كوبي وسيطرتهم على مصادر المياه في الخربة وهدم الخيام والمنشآت، أدت إلى تراجع العائلات التي تسكنها إلى 12 عائلة بعدما كانت تصل إلى 40، وهؤلاء يغادرونها مؤقتا خلال فصل الصيف، ثم يعودون إليها في بداية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، نظرا لطبيعة عملهم في الزراعة وتربية المواشي.
ووفق تقرير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان "أبرز انتهاكات الاحتلال ومستعمريه خلال عام 2024"، فقد نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستعمرون، خلال العام الماضي، 16612 اعتداءً بحق المواطنين وممتلكاتهم في مختلف المحافظات، في ارتفاع قياسي في عدد الاعتداءات المسجلة في عام واحد. وتركزت الاعتداءات الإجمالية في محافظات: الخليل بـ2934 اعتداءً ثم نابلس بـ2531، ورام الله بـ2224.
وأوضح رئيس هيئة مقاومة الجدار مؤيد شعبان بمؤتمر صحفي عُقد في مدينة رام الله، الأحد الماضي، أن جيش الاحتلال نفذ 13641 اعتداءً، فيما نفذ المستعمرون 2971 اعتداءً، وبين أن اعتداءات المستعمرين تركزت في محافظات نابلس بـ806 اعتداءات تليها الخليل بـ657، ثم رام الله بـ532.
اخر الاخبار
قد يعجبك ايضا