ما مدى معقولية إلغاء ذريعة عدم المعقولية؟ هل تتدخل العليا؟!
وفي هذه الأثناء، تتعالى أصوات الخبراء القانونيين والدستوريين في إسرائيل، رافضة لهذا القانون الذي يرون أنه يشكل "ضررا بالقيم الديمقراطية لدولة إسرائيل"، في حين تصاعد التوتر بين المستشارة القضائية ووزراء حكومة بنيامين نتنياهو إلى حد تهديدها بالإقالة.
في المقابل، وعلى وقع الاحتجاجات الواسعة ووصول المفاوضات بين الائتلاف والمعارضة التي استضافها ديوان الرئيس الإسرائيلي إلى طريق مسدود، أثار خبراء في القانون الدستوري إمكانية إقدام المحكمة العليا على إلغاء القانون الذي يدرج كبند في "قانون أساس: القضاء".
في حديث للقناة 12 الإسرائيلية، قال الخبير في القانون الدستوري والإداري، والمحاضر في كلية الحقوق في جامعة بار إيلان، البروفيسور أريئيل باندور، إن "الحديث يدور حول بند جديد في قانون أساس، وليس قانونًا عاديًا"، وأوضح أنه وفقًا للمحكمة العليا، "هناك قيود على سلطة الكنيست لسن قانون أساس يتعلق بقضايا لا تصلح لإدراجها في الدستور".
وتعتبر قوانين الأساس قوانين ذات مكانة خاصة تشكل أساسا لـ"دستور مستقبلي"، ومن المفترض أن "تجسد المبادئ والقيم المستمدة من وثيقة الاستقلال كوثيقة ذات مكانة دستورية" وتحدد شكل نظام الحكم في الدولة، في ظل الخلاف التاريخي حول إمكانية وضع دستور في إسرائيل والصعوبات التي تحول دون ذلك بسبب طبيعة الدولة وتعريفها لنفسها كدولة "يهودية وديمقراطية".
وبحسب بروفيسور باندور، باستطاعة المحكمة العليا أن تتدخل لإلغاء القانون إذا قررت أنه يمثل "إساءة لاستخدام السلطة التأسيسية" التي تستمد الكنيست منها صلاحية سن قوانين أساس، علما بأن السلطة التأسيسية في دولة طبيعية هي الجهة الموكلة بوضع أو صياغة دستور للبلاد.
وأوضح الخبير في القانون الدستوري أن المحكمة العليا أوضحت في مناسبات سابقة أنه "يمكن إلغاء قوانين أساس، وحذرت من ذلك"؛ واستطرد قائلا: "مع ذلك، فهذا ليس ادعاءً بسيطا، المحكمة ليست في عجلة من أمرها للتدخل في قوانين الأساس".
وأشار بروفيسور باندور إلى أن "اقتراح الإلغاء الكامل لفحص مدى معقولية القرارات الوزارية، بشأن القضايا غير المتعلقة بالسياسات، لا يتوافق مع الطبيعة الديمقراطية للدولة"؛ من جانبه، رفض الباحث في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، أمير فوكس، اعتبار القانون الذي يسعى الائتلاف إلى تمريره "تقليصا لحجة عدم المعقولية".
وقال فوكس: "صحيح أن القانون لا يلغي ذريعة عدم المعقولية برمتها، لكنه يمنع تطبيقها إطلاقًا على قرارات المسؤولين المنتخبين"؛ مشددا على أن المحكمة العليا قادرة على إلغاء القانون باعتباره "تعديل دستوري غير دستوري"، لأنه جزء من "قانون أساس: القضاء".
وقال: "إذا كان (التشريع الرامي لتقليص ذريعة عدم المعقولية) يتعارض مع جوهر النظام الديمقراطي - مبادئ الفصل بين السلطات وسيادة القانون - فمن المحتمل أن تقرر المحكمة أنه تعديل غير دستوري".
وأثار فوكس احتمال تقويض قدرة المحكمة على التدخل في تعيينات أو إقالة موظفيين في القطاع العام إذا تم تمرير القانون.
وشدد على أن هذا التشريع "ينتهك سيادة القانون"، واعتبر أنه "يخلق ثقوبًا سوداء حيث لن يكون لدى المحكمة إمكانية الرقابة على الإطلاق، وهو وضع غير صحي"، وأضاف أن "السلطة المركزية في إسرائيل لديها الكثير من الصلاحيات"، في إشارة إلى الحكومة التي تتمتع بأغلبية برلمانية.
وأوضح أن "هذا التشريع سيعطي صلاحيات إضافية للحكومة، تمكنها، على سبيل المثال، من فصل المستشارة القضائية وتعيين شخص في المنصب نيابة عنها" دون أسباب موضوعية أو مهنية، وإنما لاعتبارات سياسية في ظل اعتبار اليمين الحاكم في إسرائيلي أن توجهات المستشارة القضائية تتعارض مع توجهاته وممارساته.
وشدد بروفيسور باندرو على وجود "إشكالية وصعوبة" في تشريع لتقليص ذريعة عدم المعقولية على وجه التحديد ضمن قانون أساس؛ وأوضح أن "المعقولية جزء من القانون الإداري وهي مرتبطة بسلسلة من القواعد التي طورتها المحكمة على مر السنين، وبعضها راسخ أيضًا في التشريع".
وقال "هناك صعوبة في إدخال بند في قانون أساس يلغي جزءًا من القانون الإداري، وهو على مستوى التشريع العادي (قانون عادي)، دون إجراء التعديلات اللازمة".
وأشار باندور إلى احتمال حدوث أزمة دستورية إذا تدخلت المحكمة العليا في التشريع، غير أنه شدد على أن "السؤال ليس ما إذا كان من الصواب للمحكمة التدخل في المسألة، ولكن السؤال هو ما إذا كان الكنيست مخولا بسن مثل هذا البند".
وأضاف "إذا لا يسمح له بذلك، فعلى المحكمة أن تحكم في هذه القضية".
وأيد الباحث فوكس ما ذهب إليه بروفيسور باندور، وقال: "قد نصل إلى حالة أزمة دستورية قريبا"، وذلك "إذا ما تم تمرير القانون وأصدرت المحكمة أوامر بإلغاء قرارات المسؤولين المنتخبين، حتى قبل الفصل في شرعية قانون الأساس".
وأوضح أنه "إذا أقدمت الحكومة على فصل أو إقالة المستشارة القضائية وتقديم التماس إلى المحكمة بهذا الشأن، على سبيل المثال، فيمكن للمحكمة أن تصدر أمرًا بإلغاء القرار. التداعيات (لسن مثل هذا التشريع) قد تكون فورية".
اخر الاخبار
قد يعجبك ايضا